بحث هذه المدونة الإلكترونية

2010/12/04

ثقوب في ذاكرة 1


ثقوب في الذاكرة

بدأت ألملم ما تبقى  لي من حطام جسدي وروحي عائداً بها إلى وطن لم أشعر به إلا  عندما ابتعدت  عنه ، دافعاً إياي خارج حدوده ، وعادت بي  ثقوب الذاكرة إلى يوم الرحيل  واختلطت البداية بالنهاية  ، وضاعت الحدود ، أو اختلطت ،فكثيراً  ما تختلط الحدود الفاصلة في  حياة من شاء قدره أن  تكون صرخة استغاثته الأولى بين المائين ,أي بين المحيط  الذي يضيع حده الفاصل  بين العربي والفارسي , وبين المحيط الأطلسي , والذي لم يبقى لنا إلاّ أن نسميه المحيط العربي , حيث تستمر صرخة الإستغاثة من المهد إلى اللحد , ويستمر  اختلاط الحدود الفاصلة  بين كل الأشياء
انتهت كل الأوراق اللازمة وأصبح الحلم في اليد ، ما أسرع  أن حددت  تاريخ السفر بعد يومين  فقط ، ولكن كيف ؟ ... لا أعرف  ...سفر جديد من أسفار الحياة سيبدأ ،  سفر الغربة والإغتراب
اختلاط الحدود بين الحلم والحقيقة ,  الفرح والحزن ، الضعف والقوّة , بين الحلم والحلم .....
الحلم بتأمين بيت في وطن تنتمي إليه ولا تملك فيه غير  ثلاثة  طيور من طيور الجنة وحبيب تسند عليه رأسك بين ضياع وضياع , وعجوز لم يترك لها زمنها إلاًك ، حين صار البيت حلماً  لا يمكن أن تصل إليه إن كنت متعلماَ، وسهلاً  لكل الجهلة غير المتعلمين ,
قلت لصديق مثلي عندما سألني عمّا جنيته في عملي الإداري
- يبدو أن هذا الوطن لا  يطيب العيش فيه إلاّ للحمير لنعم عديدة اختصت بها
- ولكنك قضيت حياتك تعمل كالحمار لا تكل ولا تمل
- لا تنسى أن للحمير أنواع كالبني آدميين  وأنا من الحمير الذين يحملون بلا كلل ولا ملل وعليهم يقف ما تبقى من وطن ، وكما يقال في المثل الدارج ( لو خليت خربت ) , وعادت بي الذكرى إلى حرب قديمة شاركت فيها عندما كنت في الخدمة العسكرية ،  حيث نقل لي ولأحد أفراد كتيبة حفظ الكرامة والسمعة والنزاهة التي كنّا ننتمي إليها معاً بأن السيد العميد قال عن الرجل الواقف بجانبي إنه حمار ، وحينها احمّر زميلي في الكتيبة غيظاً وحنقاً وفتح فمه يحاول السباب والشتام ، ولكنني كنت أسرع منه بقهقهة عالية صدرت منّي فأثارت استغرابه واستهجانه ولم  ويلبث أن اصدر أعلى منها عندما سمعني أقول لناقل البشرى
- لو لم يبق في البلد أمثالنا من الحمير  من أين  كان سيجد وأمثاله   ما يسرقون