بحث هذه المدونة الإلكترونية

2012/01/29

القامع والمقموع

ما دفعني لإقتباس  النص أدناه  تحوّل معظم الناس في الوطن إلى حالة من الديكتاتورية العنيفة ، فريقان في الوطن يمارسان منتهى الديكتاتورية  ، ويخسران ونخسر ويخسر الوطن  ، الكل يملك الحقيقة الكاملة ، والكل على حق ، والباقي محقوق ، تمزّق العلم وتمزقت الخريطة وتمزّق الوطن ، وإن  حاولت أن تفكر فأنت متهم من الطرفين ، رغم أنك تنتمي إلى الصامتين حين أصبح الصمت سيد المواقف 
لن أعود لما قاله الشاعر نزيه أبو عفش ، أو ماقاله أصدقاء بسام القاضي من المعارضة المتشددة نفسها حين غيابه المفاجىْ  بل سأدع  نص الكاتب الكبير ممدوح عدوان يتحدث  ونقارن ما يقوله بما يحدث على الأرض
"إن مجتمعات القمع ،  القامعة والمقموعة ، تولد في  نفس كل فرد من أفرادها دكتاتوراً ، ومن ثم فإن كل فرد فيها ، ومهما شكا من الإضطهاد ، يكزن مهيأ سلفاً لممارسة هذا القمع ذاته الذي يشكو منه ، وربما ما هو أقسى وأشدّ عنفاً ، على كل من يقع تحت سطوته ، فالمثل المحتذى متوفر أمامه كل يوم في من يضطهدونه ، وهو شاء أم أبى  يرى فيهم ما يمكنه أن يقلده  ، ولذلك فإن الوظف الهزء والمسخرة له أنياب لا تقل حدة  وإيزاءً عمّن يهزؤون منه ويسخّرونه أو يسخرون منه ، ولا تظهر هذه الأنياب ، أنيابه ، إلّا  حين تتاح له الفرصة للترقّي الوظيفي  ، وحين يصبح آمراً على آخرين يستطيع أن يضرهم وينفعهم "

النص من كتاب حيونة الإنسان للكاتب الكبير ممدوح عدوان

2012/01/28

فرجة


 "  نتعود؟! .. تعرف ماذا تعلّمنا يا أبي ؟. ذات يوم . شرحوا لنا في المدرسة شيئاً عن التعوّد . حين نشم رائحة تضايقنا فإن جملتنا العصبية كلّها تتنبه وتعبر عن ضيقها ، بعد حين من البقاء مع الرائحة يخفّ الضيق . أتعرف معنى ذلك ؟معناه أن هناك شعيرات في مجرى الشمّ قد ماتت فلم تعد تتحسس ، ومن ثم لم تعد تنبه الجملة العصبية . والأمر ذاته في السمع . حين تمر ّ في سوق النّحّاسين ، فإن الضجّة تثير أعصابك ، لو أقمت هناك لتعودت كما يتعود المقيمون والنّحّاسون أنفسهم . السبب نفسه , الشعيرات الحسّاسة  والأعصاب الحسّاسة في الأذن قد  ماتت .... نحن لا نتعوّد يا أبي إلّا إذا مات فينا شيء"

كم وكم وكم هي الأشياء التي تعوّدنا عليها وكم وكم  هي الأشياء التي  ماتت فينا ... الفقر , القهر ، الغربة حتى ونحن في الوطن ، ولكن 

تعوّد القتل والذبح والدّم هل هو تعوّد , أم هو عودة إلى الأصول ،إلى الغابات والأدغال
مشهد سينمائي :
جمع كبير من الناس  رؤوسهم  للأعلى ,يراقبون ما سترسله لهم السماء  ، يتوسلونها بألا تتأخر عليهم كالعادة، فقد قل كفرهم وتمسكوا بتقاليد السلف الصالح وأرخوا ذقونهم على سجيّتها ’ ولم يعد للسماء حجة عليهم ،لم يطل انتظارهم  ، شُقت حجب السماء  ونزل الرجال من السماء ، لم يكن جبرائيل القادم ولا عزرائيل ولا أحد من من رسل إيل . رجال بلا أجنحة يسقطون من السماء ، تصطدم أجسامهم بالأرض ، فتهرب الزغاريد من الحناجر، ويتلقف الأبطال بنادقهم لإفراغ طلقات الغدر بالجثث البشرية المتساقطة ، هل أخافتهم عيون البشر فرموا بها من أعلى السطح كي تأتيهم الشجاعة بإطلاق الرصاص على العيون النائمة 
مشهد مخيف ، بل مرعب ، والمرعب فيه ليس من ألقى البشر من أعلى السطح إلى الأرض ولا من أطلق عليها الرصاص ، فيمكن للإنسان أن يعيش مع أكثر الوحوش  شراسة ، ولكن المخيف إمكانية العيش المشترك مع هذا الجمهور الذي كان يصفق ويزغرد فرحاً ونشوة لهذا الفعل المقيت وكأنهم حصلوا على مفاتيح الجنة

ملاحظة : المقطع أعلاه للكاتب الكبير ممدوح عدوان ،من روايته ( أعدائي )

ملاحظة : المقطع أعلاه للكاتب الكبير ممدوح عدوان ،من روايته ( أعدائي )

2012/01/26

وكان للبحر ألوانه





و كان في قديم الزمان
بحر في الشام
 يفرش صدراً للشمس المتعبة آخر النار
فتغفو  على حداء الموج وأنغام اللون
واخضرار الجبل
تصبح على خير يا طفلي العزيز
تلوح الشمس للطفل مودعة على أمل لقاء آخر
وما تزال الشمس تنتظر اجتماع الآلهة ليقرروا عودة ضجيج الطرقات
وكان هناك بحر وشمس وأطفال وقوس قزح
وطرقات تضج  تضج بنغمات الصغار


2012/01/25

حي على الجهاد


من النادر أن أدخل البرلمان اختيارياً ، حيث أنني مضطرّاً على دخوله لأكثر من مرّة يومياً ، والبرلمان هو أكثر الأماكن ممارسة للحرية والديمقراطية لما يتمتع به الموجودون داخله من حصانة سياسية وثقافية واقتصادية وسياسية وأمنية ونفسية وميتافيزيقية وبما فيها الحرية الدينية ، والبرلمان عرَفَته العربان قديماً ، وكان حجمه بحجم الكرة الأرضية وارتفاعه ارتفاع السماء ، وقد سمّاه أجدادنا من العرب والعربان ببيت الخلاء ، حيث كان يختلي العروبي بنفسه تحت قبّة السماء الواسعة ، وفي صحرائه المترامية الأطراف ، وحين انتقلت المدنية إليه أو انتقل هو إلى المدنية ، لا أعرف أيهما الأصحّ ، تعلّم الأدب والنظم ، وأصبح المداحون والنواحون ، ينظمون أدبهم  فيه ، ولذلك أصبح أكثر خصوصية ، فوضعوا له بعض الجدران ، وتركوه بدون سقف حتى يأتيهم الإلهام مباشرة.
اعذروني على الإطالة التاريخية عن هذا الصرح التاريخي الذي لم يسبقني إليه أحد لا من الأنس ولا حتى الجن والعفاريت
العشرات من الطللبات الفسي بوكية ( تعريب للكلمة الإنكليزية ، وهذا سبق لغوي لي  أيضاً ) حول تسمية الجمعة القادمة وعلى ما يبدو ليس الجمع عندنا ما يحتاج إلى تسميات ديناميكية متحركة متجددة بعيداً عن الستاتيكيات ، فنحن في عصر الربيع ، ربيع العربان ، والربيع رمز التجدد والإستمرار ، فحتى طرق الرعب والخوف والقتل تجددت في ربيعنا المبارك
ومن بين الإختيارات  الديناميكية ليوم الجمعة اسم لفت نظري وهو إعلان الجهاد ، وهذا الإسم حرض لديّ ، كل الحواس وانتصبت الحليمات الذوقية والشعيرات الأنفية ، ولا تذهبوا بعيداً بالإنتصاب ، وحدهما الحدقتان تضيَّقتا وغاصتا في قعر الجمجمة  ،  وهذه الحالة من التأهب الحسي والذوقي والفكري تستدعي أن تذهب إلى البرلمان بشكل نصف إرادي لممارسة الحرية في التفكير والإختيار ، وبعد أن أطَلتُ عليكم للضرورة البرلمانية  لم يبقَ لي إلاّ أن أعطيكم القرار النهائي بدون المشاورات والمناورات والمخاتلات التي حدثت بين أجزائي وكلّي قررت:
بما أنك أيهاذا الولد لم تجاهد في حياتك ، وبما أن الجهاد ( الفسي-بوكي ) حكي بحكي ولك روح يا ولد جاهدلك شوي مع  هالناس حرام  ما تستفيد من هالربيع غير حاسة الشم عندك وعليه قررت الجهاد بدءاً من يوم الجعة وأول شي بالجهاد أن أختار له زمن للبدء وبما أن الزمن ليس له أهميته بين الماءين فلننتظر حتى يوم الجمعة ولتكن جمعة الجهاد
وحي على الجهاد
بس كأنني نسيت أن الجهاد له عدته وأدواته ، ومع ذلك حي حي على الجهاد وبعدو من الطريق بعّدوااا

2012/01/05

الله أكبر : التاريخ يعود من جديد










قال الراوي :كان معظم الضحايا في سيواس قد قتلوا بالساطور وقضبان الحديد والعصا الغليظة والخناجر وما شابه ذلك ويضيف أيضاً : قتل في تلك الحفلة يوم 12 تشرين الثاني عام 1915 . حوالي ألف شخص وألقوا بجثثهم في الخانات

هذه الهيستريا التي أطلقها (عبد الحميد طيب أردوغان) ضد الأرمن وتحت شعار : افعلوا بالأرمن ما تشاؤون ، وكان الذّبح والسّحل والقتل يبدأ بالتّكبير " الله أكبر . الله أكبر"

وبعدها ، وقبل أن يمرّ قرن ببضعة أشبار ، يعيد التّاريخ نفسه ، ويقوم مجموعة من هؤلاء الوحوش ، وحوش السّلطان عبد الحميد ، بقطع الطّرقات بحثاُ عن الحرّية والكرامة التي لن يجدوها إطلاقاُ ، لأنهم يتخّفون خلف " الله أكبر " ونظرهم مسمراً إلى حوريات السماء، يقبضون على ثلاث عشر بني آدم ، من مختلف الطرقات ، يدخلونهم إلى أحد المساجد ، بيت الله، يكبرون ، يذبحون ، يقطعون ، يضحون بإخوتهم والرب غافلاُ عنهم وعن تقدمتهم ، فلا كبشاً يرسل لهم ولا تيساً ، ولا حتى ثوراُ ، حيث أصبح للثور أهميته وتحول ذكراً للثورة بعد أن أصبحت ثورتهم مركز أهمية كل المهتمين بحقوق الإنسان من عرب وجرب ونجس
سؤالي الأهم من كل ما تقدم أعلاه : هل كبّر حرملة بن كاهل وصرخ بملء فيه "الله أكبر "عندما رمى الطفل المقمّط بسهمه المسموم
هامش : سيتم الحديث عن حرملة فيما بعد
https://www.youtube.com/watch?v=90Y7qBoZVxU